Page 13 - African-Issue 41Arabic
P. 13
ويصطاد بكثرة ،وأصبح من المؤكد من خلال المكتشفات الأثرية أن «يوبا الثاني»
قام بإحياء مصبغات الأرجوان في «ليكسوس» و»جزيرة الصويرة» ،حيث تم
الكشف عن مباني ومستوطنات ترجع لعصر هذا الملك ،ودلت الحفائر على وجود
نشاط صناعي أساسه صيد هذا المحار واعتصاره لاستخراج صبغته( ،)32وتمكنت
شخصياً من رؤية هذه الأحواض والأطلاع على التقارير الخاصة بها.
فقد قامت عدة تنقيبات بجزيرة الصويرة الصخرية التي تقع بالقرب من شاطئ
مدينة الصويرة برئاسة «سنتاس» ( )33()Cintasوجودان ( )34( )Jodinوغيرهما،
بأن الفينيقيين أقاموا أول متجر لهم بهذه المنطقة منذ القرن الرابع قبل الميلاد،
ثم أصابه الركود بعد زوال قرطاجة وأعاده لنشاطه مرة اخرى «يوبا الثاني»،
وذلك ما يؤكده «بليني» قائلا (لا توجد لدينا سوى معلومات ضئيلة عن الجزر
الموريتانية ،ولا يعرف على وجه اليقين منها سوى القليل ،إذ قام باكتشافه يوبا
الثاني بالقرب من سواحل الأطلونيين ( ،)Autololesحيث أحيى صناعة كانت قد
أندثرت ،وهي صناعة استخراج صبغة الأرجوان ومن المحتمل أن يوبا الثاني نفسه
كان يحتكر هذه الصناعة ،أو على الأقل كان يساهم فيها ،ولا يمكننا أن نفسر ثراءه
الكبير وثراء أبنه بطليموس من بعده إلا بأن التجارة في هذه الصبغة النادرة قد درت
عليه أربا ًحا وفيرة ،وربما كانت البعثة البحرية التي أرسلها «يوبا الثاني» إلى جزر
كناريا سببها رغبته في توسيع نطاق مصايده) (.)35
ونظرا لندرتها وتكلفتها فقد كانت باهظة الثمن ،ولعل ثمنها المرتفع سب ًبا في
ثراء يوبا وأبنه ،وكانت سب ًبا أي ًضا في مصرع الملك الشاب «بطلميوس» على يد
«كاليجولا» عام 40م ،.ومن المحتمل أن مصانع هذه الأصباغ كانت كبيرة وتشمل
عدة مباني وتستوعب الكثير من الأيدي العاملة بحارة وعمال؛ بدليل وجود حي كبير
في كل من ليكسوس وجزيرة الصويرة ،ولا شك ان إدارة تلك المصانع بما يلتحق
بها من سفن للصيد ومعدات ،قد كانت تتطلب إدارة قوية محكمة وحازمة ،علاوة
على الأسطول المعد لمواجهة أنواء المحيط ،واخي ًرا نفهم من هذه التجهيزات وما
تتطلبه من نفقات وما قاله عنها «كرنيليوس نيبوس» ( )Cornelius Neposفي
-8-