Page 436 - African-Issue 41Arabic
P. 436
-وعن بلال بن الحارث المزني ،قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي ،فإن له من الأجر مثل أجور من عمل
بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا؛ ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله
ورسوله ،كان عليه من الإثم مثل آثام من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا)(.)11
والمجاز في قوله( :أحيا) حيث استعاره للعمل بالسنة ،وحث الناس عليها،
وقوله( :أميتت) استعارة أخرى لما يقابل ذلك من ترك السنة ،ومنع الناس من
إقامتها ،وهي كالترشيح للاستعارة الأولى ،وقوبل قوله( :أحي سنة من سنتي قد
أميتت) بقوله( :ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله تعالى ورسوله) ،ووصف السنة
بقوله( :من سنتي) لتمتاز عن سائر السنن ،فإن السنة عبارة عن وضع الشيء
ورسمه ليقتدي به ،ووصف البدعة وبينها بقوله( :ضلالة) ليشير بأن بعضا من
البدعة ليس من الضلالة .وقوبل قوله( :قد أميتت) بقوله( :لا يرضاها الله ورسوله)
وذلك لأن المبتدع إنما يميت السنة لأنه لا يرضاها ،ولا يحب أن يعمل بها (.)12
-وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((منهومان لا يشبعان :منهوم في العلم لا يشبع منه ،ومنهوم في الدنيا لا يشبع
منها)) (.)13
إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان (لا يشبعان) استعارة لعدم انتهاء
حرصهما ،واختار صيغة المضارع للدلالة على استمرار حرصهما وعدم انقطاعه.
فالمجال الاستعاري يتمثل في الحديث على مستويين ،الأول في تشبيه طالب
العلم الحريص فيه بآكل الطعام النهم في عدم انتهاء حرصهما ،فمحور الانطلاق
هنا آكل الطعام النهم ،وغاية الاستعارة طالب العلم الحريص فيه ،والأول إنسان
متصف بصفة غير محمودة ،والثاني إنسان له صفة محمودة مستمرة ،وخط الالتقاء
بين المحورين هو كون كل واحد منهما إنسان به صفة لازمة مستمرة .أما الاستعارة
الثانية ففي تشبيه طالب الدنيا بآكل الطعام النهم ،وتجري الاستعارة على النحو الذي
جرت عليه الأولى.
- 431 -