Page 437 - African-Issue 41Arabic
P. 437
-وعن معاذ بن جبل ،قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الشيطان
ذئب الإنسان كذئب الغنم ،يأخذ الشاذة والقاصية والناحية ،وإياكم والشعاب ،وعليكم
بالجماعة والعام)(.)14
استعار كلمة الشعاب وأراد بها الفرقة والاختلاف بين أهل الملة ،والشعاب
جمع شعب ،وهو من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف ،ولذلك قيل :شعبت
الشيء إذا جمعته ،وشعبته إذا فرقته (».)15
والشعاب ظاهرة كونية وهي صفة لبقعة تتجاذب فيها صفتان؛ اجتماع
وتفرق ،+كما أن التفرق والاختلاف في أهل الملة ظاهرة اجتماعية يتجاذب فيها
الطرفان يجتمعان في شيء ويختلفان في شيء آخر ،فالعلاقة بين الظاهرتين علاقة
تشبيهية في عدم التوازي ولزوم الاضطراب في ك ٍل ،ورشح الاستعارة بما يقابلها
من ظاهرة اجتماعية أخرى في قوله« :عليكم بالجماعة والعام» ففي الجماعة هدوء
وائتلاف وأمن.
-وعن أبي ذر ،قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( :من فارق الجماعة
شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) ()16
الربقة عروة في حبل يجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها ،فإضافتها للإسلام
في قوله صلى الله عليه وسلم( :ربقة الإسلام) استعارة لانقياد الرجل واستسلامه
لأحكام الشرع ،وخلعها لارتداده وخروجه عن طاعة الله ومتابعة رسوله؛ فالاستعارة
ذات مستوين دلاليين ،الأول في استعارة الربقة للانقياد والاستسلام ،والثانية في
تشبيه خلع الربقة بارتداد الرجل وخروجه عن الطاعة.
-وعن أبي جحيفة قال :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم ( : -إنها ستفتح عليكم
الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة) ،قلنا :ونحن على ديننا اليوم؟ قال( :وأنتم على
دينكم اليوم) ،قلنا :فنحن يومئ ٍذ خير ،أم ذلك اليوم؟ قال( :بل أنتم اليوم خير)(.)17
الاستعارة في الحديث تظهر في قوله« :ستفتح عليكم الدنيا» حيث استعار لفظ
الدنيا للدلالة إلى ما تشتمل عليه من معاني الترف والرفاهية والعمران والازدهار
- 432 -