Page 439 - African-Issue 41Arabic
P. 439
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-يقول:
«أرأيتم لو أن نه ًرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خم ًسا ،ما تقول ذلك ُيبقي من
درنه»؟ قالوا :لا ُيبقي من درنه شي ًئا ،قال« :فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله
بها الخطايا»(.)20
تكمن صورة الاستعارة بالكناية في قوله« :يمحو الله بها الخطايا» لأن الخطايا
أمر معنوي ،والمحو لا يكون إلا للحسي ،فجاءت في صورة محسوسة للتأكيد على
غفرانها كلها ،سواء الصغائر منها والكبائر على الأرجح عند العلماء ،كما اختار
صيغة المضارع للدلالة على استمرار الغفران وعدم انقطاعه .فبلاغة الاستعارة في
نقل المعنوي وإظهاره في ثوب حسي قشيب يدركه المتلقي ويشارك المتكلم في ذلك.
-وعن ابن عباس ،قال« :تدارس العلم ساعة من الليل خير من إحيائها»()21
قوله( :إحيائها) شبه الليل بالميت الذي لا غناء فيه ،وأثبت له الإحياء على
الاستعارة التخييلية ،ثم كنى عنه بصلاة التهجد؛ لأن في قيام الليل كل نفع للقائم فيه،
ومن نام فق َد نفعاً عظيماً.
-وعن أبي هريرة ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال« :ليأتين على
الناس زما ٌن لا يبقى أح ٌد إلا أكل الربا ،فإن لم يأكله أصابه من بخاره» ،ويروى:
«من غباره»(.)22
شبه الربا بالنار بجامع الضرر في كل ثم حذف المشبه به ورمز له بشيء من
لوزمه وهو قوله« :بخارها» حيث أضاف البخار إلى ضمير الربا من باب إضافة
الصفة إلى الموصوف ،والبخار من صفات النار ،فإضافته إلى الربا يوحي بشيء
من التجوز في التعبير.
تظهر الاستعارة المكنية في الحديث في قوله« :أصابه من بخارها» فالبخار
أو الغبار مستعاران مما شبه الربا به من النار أو التراب ،فحذف المشبه ورمز له
بشيء من لوازمه ،وهو البخار في الأولى والغبار في الثانية .لما كان الربا وما
يترتب عليها من الآثام أمر معنوي لا يدرك بالحواس الخمس جسده الرسول صلى
- 434 -