Page 16 - 2015-37
P. 16

‫بعد انضمام عبد المؤمن بن علي إلى صفوف ابن تومرت‪ ،‬اتجه اأخير‬
‫إلى تلمسان وعند وصوله إلى ونشريس التقى بعبد ه بن محسن الونشريسي‬
‫المعروف بالبشير‪ .‬وطبقاً لصحاب الحلل الموشية فإن البشير اجتمع بهم ولم يفارقهم‬
‫منذ اللحظة وحتى مقتله(‪ .)84‬وسوف يصبح هذا الرجل احقاً مساعده الخاص‬
‫ومستشاره المفضل‪ ،‬ومن دون شك خليفته المنتظر لوا مقتله في معركة البحيرة‬
‫عام ‪523‬هـ‪1128/‬م(‪ .)85‬وسوف يستخدم البشير الحيلة ويعين ابن تومرت في‬

             ‫التخلص من معارضيه في عملية تصفية جسدية عرفت بالتمييز(‪.)86‬‬

‫ثانياً ‪ :‬قام ابن تومرت بحملة دعائية قوية ضد المرابطين من خال قيامه‬
‫باأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬منذ وطئت أقدامه أرض المغرب اأقصى(‪.)87‬‬
‫لتحميل المرابطين مسئولية اانهيار اأخاقي المزعوم للرعية‪ ،‬وضعف الوازع‬
‫الديني لهم‪ .‬ولم يكتف بذلك بل زعم أيضاً اعتماد الدولة وفقهائها على كتب الفروع‬
‫حسب مذهب مالك‪ .‬وإهمال اأصول أى القرآن الكريم والسنة النبوية – وإهمال‬
‫ااجتهاد(‪ .)88‬ويدحض هذا ااتهام فهارس شيوخ عصر المرابطين وخاصة فهرس‬

                            ‫شيوخ القاضي عياض المنوفي ‪544‬هـ‪1149/‬م(‪.)89‬‬
‫واستغل ابن تومرت جهل العوام وأدعي أيضاً أن المرابطين كفار مجسمين‬
‫فقال‪ :‬حرم ه طاعة المجسمين(‪ .)90‬ولم يكتف بذلك بل نادى بوجوب جهادهم على‬
‫الكفر والتجسيم وإنكار الحق وارتكاب المناكير(‪ .)91‬واشتط في اافتراء واادعاء‬

     ‫على المرابطين وقال‪ :‬بوجوب جهادهم لتضيعهم السنة ومنعهم للفرائض(‪.)92‬‬

‫ويرجع اتهام ابن تومرت للمرابطين بالمجسمين‪ ،‬أنه كان يطالب باإيمان‬
‫بتلك اآيات المتشابهات مع نفي التشبيه والتجسيم عن ه عز وجل في هذه اآيات‪،‬‬
‫لذلك قال بالتأويل لنفي التشبيه والتجسيم‪ .‬أن اتهام المرابطين بالتجسيم هو اتهام‬
‫باطل لكل أهل السنة في باد المغرب وليس المرابطين‪ ،‬الذين كانوا على مذهب‬
‫السلف الصالح في ااعتقاد بظواهر النصوص والصفات الواردة من غير تأويل‪،‬‬
‫مع التنزيه للخالق عز وجل وذاته العالية‪ .‬فاآية القرآنية «الرحمن على العرش‬
‫أستوي»(‪ .)93‬فأهل السنة ليسوا مكلفين بتأويل هذه اآية‪ ،‬فأمامهم اإمام مالك قال‪:‬‬

                                  ‫‪- 11 -‬‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21