Page 154 - African-Issue 41Arabic
P. 154

‫التهديدات ومخاطر عديدة‪ ،‬ظلت جنوب السودان محوراً رئيسا في السياسة‬
‫الاستعمارية‪ ،‬وفيما أعقبها من فترات وشكل في ظل الوحدة عاملاً محدوداً للترتيبات‬
‫السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأمنية والعلاقات الداخلية والخارجية‪ ،‬وقد‬
‫أخذت جميعها تفقد توازنها بدخول متغير الانفصال‪ .‬إن انفصال جنوب السودان‬
‫عن شماله له أبعاده‪ ،‬ويمثل أولوية إستراتيجية في حسابات القوي الاستعمارية‬
‫الحديثة والصليبية والصهيونية العالمية‪ ،‬ويقع ضمن مخطط عزل أفريقيا العربية‬
‫عن أفريقيا غير العربية لوقف انتشار الإسلام واللغة العربية جنوباً‪ ،‬وقد أسهمت‬
‫بريطانيا بسياساتها الاستعمارية التي انتهجتها في السودان في التهيئة لذلك‪ ،‬من‬
‫خلال خطة مدعومة من مجلس الكنائس العالمي لجنوب مختلفاً عن الشمال – غير‬
‫عربي وغير مسلم – ليحول دون المد الإسلامي من الشمال نحو عمق أفريقا فعملت‬
‫علي محاربة الإسلام واللغة العربية‪ ،‬وجعلت التعليم في يد الإرساليات الكنيسة‪،‬‬
‫ومنعت كل ما يساعد في تحقيق تقارب نفسي واجتماعي من العادات والسلوك‪،‬‬
‫وكرست للفوارق البيئية والمعيشية بإهمال تنمية الجنوب وتهميشه‪ ،‬وهو ما أوهمت‬

                ‫القيادات الانفصالية شعب الجنوب بأنه نتيجة لسياسة الشمال(‪.)18‬‬

‫إن تحويل جنوب السودان إلي قاعدة للتنصير هو تتويج لحرب الكنيسة المستمر‬
‫ضد الإسلام في «أفريقيا سعياً لتنصير القارة كلها‪ ،‬وهو بدور ما يمثل خطر علي‬
‫سياسة المملكة العربية السعودية وفي بداية حركة الإرساليات النصرانية أعلن القس‬
‫«دانيال كمبوني» أنه سيتم توفير التعليم العالي للعناصر الأكثر كفاءة والمأمول‬

                                    ‫فيهم أن يتسلموا مقاليد القيادة في بلادهم» ‪.‬‬

‫وقد نجحت في إيجاد صفوة جنوبية ذات ثقافة غربية جانعة علي السلام بدرجة‬
‫أكبر من حنق الكنيسة نفسها‪ ،‬وهي التي عهد لها قيادة جموع الكنيسة نفسها‪ ،‬وهي‬
‫التي عهد لها قيادة جموع الجنوبيين وتسيير حركتهم الاجتماعية والسياسية إلي حيث‬
‫ترريدهم القوي الصليبية ‪ .‬لعل المستفيد الأكبر من انفصال جنوب السودان هي‬
‫إسرائيل‪ ،‬وسوف تحقق نجاح إضافي لإستراتيجيتها الهادفة إلي تفتيت دول المحيط‬

                                  ‫‪- 149 -‬‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159