Page 307 - African-Issue 41Arabic
P. 307

‫من ُمنطلق أن التعليم يجر إلى المعرفة‪ ،‬والمعرفة ُسلطة؛ ينبغي في المنظور الشعبي‪،‬‬
‫الحسم في مسألة تربية الفتاة‪ ،‬والتعامل معها بص ارمة‪ .‬كما أن امتلاك الفضاء هو بشكل من‬
‫الأشكال امتلاك للسلطة فالمنظور الشعبي لا يضع تميي از بين الم أرة وفضاء البيت كلاهما حرمة‪.‬‬
‫كما أن العقل بالنسبة إلى العاتق هو مثل القفل بالنسبة إلى الدفة‪ ،‬مفتاحه في يد الرجل‪،‬‬
‫رب البيت‪ ،‬هو الذي يأمر بإغلاقه أو بفتحه‪ ,‬ومثلما ُيحبذ الباب الموصد في الأوساط الشعبية‪،‬‬
‫التي تتعامل مع البيت باعتباره الحرمة ينبغي حجبها عن عين الأجنبي والغريب‪ ،‬كذلك الشأن‬

       ‫بالنسبة إلى العقل العاتق‪ ،‬ينبغي حجبه عن العلم والمعرفة‪( .‬الدفة بالقفل والعاتق بالعقل)‬
‫ويولي المجتمع التقليدي أهمية كبيرة لتربية البنات حيث أن التربية لا تؤخذ دائما كهدف‬

   ‫في حد ذاته‪ ،‬وانما أحيانا خوفا من نظرة الحساد والأعداء لا غير‪( :‬ربي بناتك تنكي حسادك)‬
‫ويلاحظ التخصيص هنا في الحديث عن التربية‪ ،‬إذ الأمر يتعلق بتربية البنات وليس‬
‫تربية الأولاد‪ ،‬لأن العار و الشماتة تأتي من البنات‪.‬وبالمقابل تتجسد سوء التربية في المنظور‬
‫الشعبي‪ ،‬في تحرر البنت من المعايير الاجتماعية‪ ،‬التي تفرض على البنت الت ازم البيت‪ ،‬حيث‬
‫يسخر من البنت التي تتجاوز عتبة البيت‪ ،‬حتى ولو كان الدافع معقولا‪ ،‬كزيارة مريض أو ام أرة‬

                             ‫نفساء‪( :‬عاتق باب الجيسة تطلل على المريض وتهني النفيسة)‬
‫كما تتجلى الشكل الخاطيء للتربية بالنسبة إلى البنت‪ ،‬في تجاوز الحدود الاجتماعية‪،‬‬

                                  ‫والاقبال على من هو أكبر منها‪( :‬بنت وتعلم لامها الزحير)‬
‫وتركز التربية التقليدية على إعداد البنت لدور الزوجة وربة البيت‪ ،‬لدرجة أن الأم تكون‬
‫ُمطالبة في لحظة ما‪ ،‬بالتنحي عن عالم الأنوثة‪ ،‬لتفسح المجال لبناتها‪( :‬اللي فاتك خليه لبناتك)‬

                     ‫اما عن دور العانس من واقع الامثال الشعبية المغربية ‪:‬‬
‫ُتلقي علي كاهل الفتاة وصمة العنوسة أكثر منها بالنسبة إلى الرجل‪ ،‬حيث تتحول‬

   ‫البنت إلى عانس إذا تجاوزت السن المناسب للزواج‪( :‬الهم هم العزبة أما العزري يتزوج دابا)‬
‫لكن يمكن أن تكون نهاية العانس نهاية سعيدة‪ ،‬كما لو أنها كانت تنتظر فارس أحلامها‪:‬‬

                                             ‫(الهم هم العزبة أما العزري يتزوج دابا)‬
‫وحظها هنا وُمستقبلها هو الرجل‪ ،‬ولو كان على حساب د ارستها‪.‬إذ إن ال ُمجتمع التقليدي‬
‫لا ينظر إلى التعليم كقضية حيوية بالنسبة إلى الفتاة ‪ ,‬لهذا تُدرب الفتاة ُمنذ صغرها على‬
‫الأعمال المنزلية وتربية الأطفال‪ ،‬لتصير ربة بيت وزوجة صالحة‪ ,‬وحتى في حالة تعليمها‪ ،‬فإن‬

          ‫التأكيد يكون دائما على أهمية وضرورة الزواج المبكر‪ ( :‬البنت إما رجلها واما قبرها)‬
‫أي أن المكان الطبيعي للفتاة التي بلغت سن الزواج (وهو سن لا علاقة له بما تنص‬
‫عليه ُمدونة الأسرة) هو بيت زوجها‪ ،‬حيث ان تأخرها في الزواج قد يجلب لها المتاعب كما في‬

                                   ‫‪- 302 -‬‬
   302   303   304   305   306   307   308   309   310   311   312