Page 520 - African-Issue 41Arabic
P. 520
وبذلك تعتبر الحكايات والأساطير لدى مجتمع الصيد محاكاة لواقع حياتهم
وتاريخ مختزل لعلاقتهم بالبيئة من ناحية وبعضهم البعض من ناحية أخرى ،
ومستودع لتجاربهم وتفاعلهم مع الطبيعة كما أنها مدخلاً هاماً لدراسة السمات
الثقافية لجماعة الصيادين لأنها بمثابة المستودع الذي حفظ فيه الإنسان جزءاً من
القيم والتقاليد والتراث الذي يمثل الهوية وذاتية الجماعة وتمثل خصوصية لهذه
الجماعة .ويتفق ذلك مع ما جاء به الاتجاه المعرفي في تأكيده على أن الأساطير
من أكثر الموضوعات التي توضح أسلوب تفكير شعب ما ،حيث يكمن فيها العديد
من المعاني والدلالات الرمزية التي تحدد علاقة الإنسان بالعالم الذي يعيش فيه وأن
البيئة تشكل أسلوب التفكير والصيغ المعرفية.
ويوجد نمط آخر للصيد نهاراً ،ويبدأ من الساعة السادسة صباحاً حتى السادسة
مساءاً ،وهؤلاء متخصصون في صيد «البساريا ،الطابار « ويفضل هؤلاء
الصيادون فصل الصيف « البحيرة بتكون في فصل الصيف جنة الله في الأرض
لجوها الجميل وكثرة الصيد بها» .ويبدأ الصياد بفك مركبه من على الشاطئ قائلاً
« بسم الله مجراكى ومرساكى» ،ويظهر أثر البيئة في الأغاني التي يتغنى بها
الصيادون أثناء الصيد نهاراً :
أنا كنت طالع اصطاد غرب السلسول قـــاعـــد ومـــروق وقــايـد البـابــور
قطع الموال وضيع منى كل الأحوال فجـأه جاني الصول زغلول
قمـت قـايم وطـافي البـابور
ونلاحظ هنا تأثير البيئة والتأثير العامي للغة العربية ،في استخدام «السلسول»
وهى منطقة وسط البحيرة ،والصول زغلول وهو صول كان يتردد في كل أنحاء
البحيرة .ويتفق ذلك مع ما جاء به الاتجاه المعرفي في تأكيده على أن الأغاني تعد
بمثابة المستودع الذي يحفظ فيه الإنسان جزءاً من القيم والتقاليد والتراث ،والتي
توضح أسلوب التفكير فهي محاكاة لواقع حياتهم وتاريخ مختزل لعلاقتهم بالبيئة
حيث يكمن فيها العديد من المعاني والدلالات الرمزية التي تحدد علاقة الإنسان
بالعالم الذي يعيش فيه.
- 515 -