Page 44 - 2015-37
P. 44
الحالية ،أن الراغب في المعاملة مع الصرافين كان يجلس علي كرسي طويل أمام
المنضدة عرف باسم ،Bankوهذا هو أصل البنوك والمصارف .ولم تكن عمليات
الصرف في اأسواق اإسامية تختلف كثيراً عن ذلك ،ولكنها تطورت في الغرب
تبعاً لتطور الظروف السياسية العامة ،في حين أنها لم تتطور في باد المسلمين
لتوقف اأنظمة السياسية عن التطور(.)46
وقد أمدتنا فتوى للفقيه المازري بمعلومات حول اأهمية التي يكتسبها المصرف
في العمليات التجارية والتعامل باأوراق المالية في مدينة المهدية علي اأرجح .وهذه
الفتوي ًيفهم منها أن التجار سواء المحليين أو الدوليين كانوا يدفعون ما تحصلوا عليه من
دراهم للصيارفة الذين يتعهدون بتسديدها إليهم فيما بعد بالدنانير .وكان تجار الجملة ا
يسددون ثمن السلع أو الحبوب المسلمة إليهم من طرف تجار آخرين والمقومة بالدينار،
بل يدفعونه بواسطة الديون المتخلدة في ذمة الصيارفة .ويتعلق اأمر «بحوالة»
أو تحويل دين إلي حساب الغير .فالبائع هو المدين «المحيل» ،والمزود هو الدائن
«المحال» ،والصيرفي هو المدين «المحال عليه « .إا أن المزودين الذين ا يدركون
دائماً طريقة الدفع بالحوالة ،كانوا يخشون عدم قبض الذهب مقابل السلع التي باعوها.
فهل نفهم من ذلك أن الصيارفة كانوا يسددون ثمن تلك السلع بالدراهم؟ ويمكن أن
نستنتج من ذلك أن المصارف كانت تتحكم في جميع العمليات التجارية وتحابي التجار
الكبار علي حساب الصغار الذين هم في وضع غير ثابت .وكانت الصفقات المقدرة
بالذهب الصوري ،تتم عملياً بواسطة الفضة ،نظراً لقلة المسكوكات الذهبية(.)47
ثالثاً -المؤسسات التجارية :
ُتعد اأسواق كمصطلح المؤسسة التجارية اأولي في المراكز التجارية
البحرية ،باإضافة إلى الوكاات والفنادق والخانات ،والحقيقة أنها كلها مسميات
لشئ واحد(.)48
وكانت (الحلقة) هي الشكل اأولي لسوق بيع سلع التجارة البحرية ،والراجح
أنه كان عبارة عن مزاد علني يتم فيه بيع السلع القادمة من الخارج للمغاربة أو بيع
- 39 -