Page 443 - African-Issue 41Arabic
P. 443
واختار صيغة المضارع في «يغتسل» للدلالة على الحدوث والتجدد وقت بعد
وقت ،فالصلوات الخمس يغفر الله بها الخطايا كلما فعلها المسلم.
-وعن أبي هريرة ،قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم« :يد الله ملأى
لا تغيضها نفقة ،سحاء ( )30الليل والنهار ،أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماء والأرض؟
فإنه لم يغض ما في يده ،وكان عرشه على الماء ،وبيده الميزان يخفض ويرفع»
متفق عليه (.)31
يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث إلى غزارة نعم الله سبحانه
وتعالى وسعة عطاياه ،فجسمها في صور توضيحية تقربها إلى الأفهام ،حيث أطلق
اليد على الخزائن وأكدها بأنها ملأى ،لا ينقصها أطاع الليل والنهار ،وف ّياضة كالماء
لا تنقص ولا تغيض.
أما الصور المجازية في الحديث فتتمثل في قوله« :يد الله» أي خزائن الله،
أطلق اليد على الخزائن لتصرفها فيها ،وهو المجاز المرسل ،والقرينة الإضافية
و»ملأى» كالترشيح للمجاز ،والمعني بالخزائن قولهُ { :كن َف َي ُكو ُن} ( )32ولذلك لا
ينقص أبدا بأن يصب الرزق على عباده دائما .أما قوله“ :لا يغيضها» فاستعارة
تبعية للتغيض؛ لأن الحقيقة يغيض الماء ،قال الله تعالى{ :و ِغي َض ال َما ُء} وكذلك:
«سحاء»؛ لأنه من صفة الماء.
-وعن ابن مسعود ،قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( :لا حسد إلا في
اثنتين :رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ،ورجل آتاه الله الحكمة فهو
يقضي بها ويعلمها))( .)33متفق عليه.
عبر بالحكمة عن العلم مجا ًزا مرسل علاقته ملزومية ،وذلك لأن الحكمة ثمرة
من ثمار العلم ،وملازمة له ،فعبر بها عنه ،للدلالة على أنها هي نفس العلم ،لما
بينهما من علاقة ملزومية .والتعبير بالحكمة في السياق والتعديل عما سواها ،مثل:
(الفصاحة ،والفطنة ،والدهاء) أبلغ في تأدية المعنى ،لأن وجود الحكمة ينفي وجود
الجهل ،كما اختارها ليبني عليها دلالات من معاني القضاء والتعليم ،إذ قوامهما
- 438 -