Page 445 - African-Issue 41Arabic
P. 445

‫فاختار الرسول كلمة «الرزق» وعبر بها عن التجارة التي هي سبب من‬
‫أسباب الزرق‪ ،‬على وجه التعبير بالمسبب عن السبب‪ .‬أي إذا فتح الله لأحدكم تجارة‬
‫تسبب له الرزق‪ .‬وقد تتسم هذه البنية المجازية بشيء من الإيجاز‪ .‬إذ العلاقة بين‬
‫اللفظتين علاقة رأسية‪ ،‬فكلمة الرزق من المتواطئ اللفظي فاختيارها للتعبير عن‬
‫حقل دلالي يضم كل معاني الموارد المالية والتنمية الاقتصادية‪ ،‬لأن لفظ الرزق‬
‫يصدق على التجارة‪ ،‬والزراع‪ ،‬وتنمية المواشي‪ ،‬وغيرها‪ .‬وهذه ميزة من مميزات‬
‫التعبير النبوي إذ أن كلامه رسالة إلى البشرية في كل زمان ومكان‪ ،‬وعلى جميع‬

                                             ‫الطبقات الاجتماعية والاقتصادية‪.‬‬

                                 ‫ومن المجاز المرسل ما جاء في الحديث‪:‬‬

‫‪ -‬عن أبي هريرة [رضي الله عنه] قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫«الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا‪ ،‬ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا‪،‬‬

                                       ‫وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» (‪.)37‬‬

‫يبين الرسول في الحديث حكم غلة الرهن‪ ،‬فأشار إلى أن الدابة المرهونة‬
                    ‫يشترط على الذي يركبها أو يشرب من لبنها أن ينفق عليها‪.‬‬

‫لكنه صلى الله عليه لم يصرح في هذا الأسلوب بلفظ الدابة أو ما يرادفه‪ ،‬بل‬
‫رمز إليه بشيء من أجزاءها؛ وهو‪« :‬الظهر» و»الدر» وهو مجاز مرسل علاقته‬
‫الجزئية‪ ،‬واختار اللفظان –الله أعلم‪-‬ليبني عليهما الحكم‪ ،‬ويرمز إلى غير ذلك من‬
‫أنواع الانتفاع الشرعي‪ ،‬كما أن الأسلوب يؤكد أن المجاز المرسل يتضمن شيئا من‬

                                    ‫الإيجاز‪ ،‬فلم يقل‪( :‬ظهر الدابة –در الدابة)‪.‬‬

               ‫ومن المجاز المرسل في الحديث النبوي ما جاء في الحديث‪:‬‬

‫‪ -‬عن سمرة‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪« :‬على اليد ما أخذت حتى‬
                                                                 ‫تؤدي» (‪.)38‬‬

‫يرشد المعلم الحكيم إلى شيء من أسس المعاملة والحقوق‪ ،‬فأشار إلى أن «من‬
‫أخذ مال غيره بغصب أو عارية أو وديعة لزمه رده‪ ،‬أي يكون عليه ضمانها»(‪. )39‬‬

                                  ‫‪- 440 -‬‬
   440   441   442   443   444   445   446   447   448   449   450